Sunday, July 1, 2012

... القانون ...



    لشد ما يقلقني ويثير حفيظتي هو التفكير في الأمور القانونية في السودان. خرجت علينا الأنباء ببراءة المحكومة بالرجم بعد أن قدّم محاميها مرافعة لمحكمة الإستئناف. وقدّر لي أن اقرأ تلك المرافعة وانا في دهشةٍ من حالي، فقد كان حلّ القضية بيد الإمام الجعفري رحمه الله، وهو لا يمت بقريب صلة بجمهورية السودان أو قانونها الجنائي
الساري تحت علمها وبإسمها. ادهشني المحامي الذي ذهب ينقّب في  كتب الفقه على المذهب الشيعي الذي ينفي الإحصان في حالة غياب الزوج. وهو فقه شيعي لا يعمل به الشيعة الآن في أي ركن من أركان الأرض، ولا في جمهوريتهم الإسلامية الإيرانية، ولكن من حسن حظ تلك المسكينة أن القضاء والقانون السوداني لا ينص على أي شيء ويمكن أن يتبع أي شيء، ويبدو ذلك جليًا في الصياغة الهزيلة للقانون الجنائي لسنة 1991.

    أقلقني أيضًا خبر الطفل حسام الذي قضي يومين بلا طعام في أحدى حراصات شرطة بحري لأنه مشتبه في اشتراكه في المظاهرات. هل توجد لدينا منشئات لحجز القاصرين في مخافر عسسنا الآن؟ أين حبسوا هذا الطفل ليومين؟ مع البالغين من المحبوسين؟ هل المحكمة التي عرض عليها محكمة طفل؟ هل يوجد في قانون الطفل شيء بخصوص الإشتراك المظاهرات؟ هل سيأتي من يدافع عنه ويمثله قانونيًا في محاكمته المزمعة؟ أي دولة هذه التي ترد على مظاهرات شعبها بمحاكمة الأطفال على المشاركة في المظاهرة؟

    أيضًا تناقلت الأخبار أن أمّاً لأحد المتظاهرين دفعت ألف جنيه (ما يعادل المليون بالعملة القديمة) للإفراج عن ابنها، ثم أسمت ذلك المبلغ "غرامة" ربما في إشارة لأنها دفعتها مرغمة. وشكى الكثير من المتظاهرين المقبوضين من أعراض مرض التضحية بالهاتف الجوّال مقابل الحرية، بينما شرع رجال القانون في جلد كل من لا هاتف له ولا غارم. حين نحتج على عقوبة الجلد في أحكام الشريعة ينسبونها إلى الله - ولن نتحدث نيابة عن الله لنكشف زور هذا الإدعاء وكذبه المفترى على الله - فنتساءل عن الجلد - تلك العقوبة غير الإنسانية - حين يستخدم كعقوبة لمخالفات لا علاقة لها بالشريعة والأحكام الإلهية مثل المشاركة في المظاهرات؛ بأيّ حق تخرق الدولة حقوق الإنسان وتستخدم عقوبة الجلد ضد المتظاهرين؟ أم أن التظاهر - الحق المكفول بالدستور - صار جريمة حدّية أو ربما تعزيرية؟

    نحن نريد دستور هذا البلد، ونريد حقوقنا وحرياتنا المكفولة في دستور هذا البلد، ولكن كيف السبيل لهذا الدستور والدولة  تعيش في ظل، وتدعم، وتبتدع هذه الفوضى القانونية؟ كيف يستقيم العمل بقانون 1991 تحت دستور 2005 حتى عام 2012 ولا زال ساريًا؟ ألا يعرف هؤلاء القوم أن الله قد جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا وقدّره منازل ليعلموا عدد السنين والحساب؟ لا ينكر الحساب إلاّ منكر الحساب والعياذ بالله، فالحساب - في موروثنا الشعبي - ولد. قريبًا يأتيكم لهذا الحساب:
 تمساح جزاير الكرد
البقضى الغرد
انت بتشيل بى وكد
ما متلك ولد




    المهم