Saturday, June 23, 2012

الرد الشافي على المداخلات المافي (1)

بوست المداخلة اليتيمة بمنبر سودانيزاونلاين


في هذا الخيط ايقاف صحيفة الانتباهة من الصدور!!!!. قام احد اعضاء المنبر باتهامي في مبدئيتي تجاه حرية التعبير!!! وكان الإتهام غير مدعّم بأي حجة أو استدلال بسابقة تعليق أو رأي لشخصي المحترم يثبت أن هنالك أي درجة من التشكيك في مبدئيتي تجاه حرية التعبير ... تجاوزت الإتهام وفضلت عدم الرد عليه فتحوّل الإتهام إلى تحرّش لفظي وتهديد بالتعرية وبقاء البوست وما إلى ذلك من التهديدات الصبيانية ... فكان ردي بالتهديد المقابل في حالة عدم الإتيان بحجة تدعم الإتهام سأشكو العضو لبكري أبوبكر بلوائح المنبر .... فالفطنة تقول أن البينة على من ادّعى ولا يعقل إطلاق الإدعاءات بلا بينة تسندها ... فجاء الرد بتقليب مواضي غير متعلقة بموضوع الحوار ... وإساءة لمصداقيتي (تحديدًا استخدام جملة "كضبًا كاضب" رغم سابق التحذير وسب أم العضو بسبب هذه الجملة!) ومضافًا إليها ترديد شائعات إشانة السمعة في سلوكي الشخصي متهمةً إياي بإدمان الكوكايين ...


بما أنني لا أسعى للبحث خلف تفاصيل الأعضاء الشخصية أو ترديد ما لا يليق حول سلوكهم ... فكان ردي في حدود المداخلات المكتوبة ... فنسبت سوء التربية لفشل المربية
... ونسبت سوء الأخلاق والجهل (مع توضيح مواطنه من معلومات مغلوطة ولغة متدنية بها سوء فهم واستخدام لترجمات ركيكة وهلم جرا من علامات الجهل والطنقعة) .... فما كان من بكري أبوبكر إلاّ أن مسح اغلب مداخلاتي رغم عدم مخالفتها لأي بند من بنود لائحة المنبر (والتي لا أنكر حرفًا منها ومسؤول عنها أمام نفسي وأمام الله والقراء وأي جهة قضائية أو إدارية) ... وتحديد مشاركاتي اليومية في مداخلة واحدة يوميًا ... فهذه هي مداخلتي اليتيمة اليوم (وغالبًا ما تؤدي "الحقيقة الصرفة" المسرودة فيها إلى سحبها هي الأخرى) ... إن بقيت فسأواليها بمداخلة يتيمة يوميًا في هذا الخيط لأتناول فيها تأملاتي فيما اقرأ بهذا المنبر وخارجه يوميًا ... حتى يرفع بكري ابوبكر حظره غير المناسب عن عدد المداخلات ... فبنص اللائحة لانستطيع مطالبته بأي شيء وأمور إدارة المنبر تعود له وحده ... لاكين الله عرفوهو بالعقل ما شافوهو بالعين ... وصاحب العقل يميّز ...


فسنبدأ مداخلة اليوم برأينا في المظاهرات التي تجتاح البلاد حاليًا ...


أولاً نبدأ بفزلقة تاريخية سريعة لهذا النظام الذي يدعو المتظاهرين لإسقاطه ... قام الكيزان بالاستيلاء على السلطة في انقلاب على ديموقراطيتنا البرلمانية الشائهة بقيادة المركز العربوسلامي التقليدي الذي ورث مقاليد السلطة من المستعمر ... وذلك بسبب الضائقة التي حشرنا فيها ذلك المركز التقليدي والتي صارت تعرف لاحقًا بعد وضع رؤى متعددة لساسة وباحثين ومختصين بما يسمى "أزمنة الحكم المزمنة في السودان" ... والمعروف أن اسوأ مظاهر ازمة الحكم المزمنة كانت في تهميش انسان الريف السوداني ودفن المظالم العرقية والجهوية والدينية تحت اغطية الشعارات الهتافية الخاوية ... و شعار "السودان للسودانيين" ورصيفه "الإتحاد مع المصريين" خير توصيف لحالة الخواء المصاحبة لأخطر تمظهر في "أزمة الحكم" وهو ما اعتدنا تسميته بالديموقراطية رغم بونه الشاسع عنها ... تسبب تمظهر آخر لأزمة الحكم بواسطة المركز العربوسلامي التقليدي في "عهد نميري" لبلورة نضال الهامش في شكل استعادة لحركة التمرد الجنوبية الموازية لأزمة الحكم منذ الإستقلال ... واستمرار أزمة حكم المركز التقليدي العربوسلامية فيما أسموها ديموقراطية اضطرت الشهيد جون قرنق لتسميتها "مايو 2" ... فجاء انقلاب الكيزان في 30 يونيو 1989 من رحم تلك الأزمة ...


برؤيتنا لاختلاف وحداثة تركيبة وآيديولوجية تنظيم الجبهة القومية الإسلامية كان رأينا أن ما يحدث عبارة عن ثورة تحمل تغييرات جوهرية في طياتها بمنظور عربوسلاموي تجتاح الدولة والتركيبة الإجتماعية والمؤسسات والممارسة السياسية ... بينما رأى البعض أنها مؤامرة على الديموقراطية وردة سياسية تكرّس لخطاب المركز التقليدي وملامحه العروبية والإسلاموية ... في هذه المدة انتقلت حركة الهامش إلى مراحل جديدة ترى مشكلة المركز وأزمة الحكم بوضوح وتطرح رؤية "السودان الجديد" كبديل لهيمنة المركز الجهوي العربوسلامي ... وكانت حربًا ضروسًا ... ثم كان التقاء الصياغة العربوسلامية الجديدة في المركز ممثلة في "المؤتمر الوطني" مع صياغة "السودان الجديد" العلمانية التعددية في الهامش ممثلة في "الحركة الشعبية" ... وكان السلام ... وكان حق تقرير المصير واقتسام الثروة والسلطة ... واهم ما كان هو الإتفاق على "التحوّل الديموقراطي" ... واعتماد الدستور الديموقراطي التعددي للنموذج الرئاسي الإتحادي الإنتخابي ... كصياغة للنظام ومؤسسات الدولة ... هذا النظام ... هو ما ينادي المتظاهرون الآن بإسقاطه ...


لقد استشعر الكيزان ضعفًا في بنيات احزاب وتنظيمات في المركز التقليدي منذ بداية الإنقلاب 89 ... فمارسوا على الأحزاب التقليدية شتى اشكال الإقصائية والقمع ... بما في ذلك استبعادهم من أن يكونوا أطراف فاعلين في اتفاقية السلام الشامل ... ومن ثم إزاحتهم - كمركز تقليدي - واستبدالهم بمركز عربوسلامي يمتاز بحداثة التركيبة والآيديولوجية الكيزانية التي أشرنا لها في السابق ... مما أدى لمعاناة تنظيمات المركز التقليدي المزاح في الإعتراف بأي شرعية للتحوّل الديموقراطي والدستور والديموقراطية الرئاسية الإتحادية ... قوة هذه التنظيمات الوحيدة هي انتشارها الجماهيري ... الآن وبعد عمل مضني لمدة 16 عامًا لحشد الجماهير ضد النظام الإنقلابي السابق ... و 7 أعوام لحشد نفس الجماهير ضد التحوّل الديموقراطي والنظام الحالي ... نجحت الأزمة الإقتصادية الناتجة أساسًا من استقلال دولة جنوب السودان عن الوطن الأم ... في أن تزيد من درجة حنق الجماهير لدرجة خروجهم للشارع ومطالبتهم بإسقاط النظام ...


تاريخ النظام ليس مشرق بتاتًا ... فنحن هنا نتحدّث عن مبادئ ومؤسسات ومعطيات تاريخية ... ولا نتحدّث عن شخوص وممارسات .... فعلى مستوى الشخوص والممارسات فقد امتاز الكيزان بمظاهر الفساد والقمع التي بزّوا فيها كثير من الأنظمة في العالم عبر التاريخ ... ففي العالم عبر التاريخ لا يخلو نظام من درجة من القمع ودرجة من الفساد ... ولكن التجربة الإنسانية اثبتت أن الفروقات بين الأنظمة تكمن في ردة الفعل المؤسسية في الدولة تجاه ظواهر القمع والفساد ... وأن أفضل الأنظمة لحماية المواطن من القمع والفساد هي الديموقراطية ... شريطة أن يكون المواطن عنصرًا فاعلاً في تلك الديموقراطية ... فكيف بمواطن أغلب قياداته تنتمي لمركز تقليدي مزاح ويفتقر للرؤية المؤسسية للحكم ويقاطع الإنتخابات ويمتنع عن الحوار والحلول السياسية ويحشد الجماهير لإسقاط النظام ....


مجلس ثوري ... مشروع دستور ينادي بالديموقراطية البرلمانية ... ومجلس سيادة صوري بالتعيين ... وعودة لقديم "أزمة الحكم المزمنة في السودان" بكل مظاهر التهميش والجهوية المختبئة وراء الهتافيات الجوفاء ... هذا هو كل ما نتوقعه من قيادات التنظيمات التي تدعو الآن لإسقاط النظام ...


ونلتقيكم غدًا في مداخلة يتيمة أخرى ...


... المهم ....